العنقاء للثقافة

مجلتك الثقافية

مجتمع

قالمة قطب سياحي حموي بامتياز

تتوفر ولاية قالمة على حمامات معدنية ومناظرها طبيعية خلابة، تستقطب الكثير من الزوار، باعتبارها الوجهة الرئيسية للكثير من عشاق الاستجمام، خاصة أنها معروفة وغنية بالمياه والشلالات المعدنية الساخنة لعلاج الكثير من الأمراض، كما تتمتع بطبيعة خلابة خاصة في فصل الربيع، ونظرا لموقعها الاستراتيجي الهام في منحدر سلسلة جبلية وكثرة مياهها العذبة المنبثقة من الينابيع وحماماتها المعدنية، فقد اختيرت منذ سنوات كقطب سياحي حموي بامتياز في الشرق الجزائري نظرا لتوفرها على المركبات السياحية والينابيع الحموية.
تعرف السياحة الحموية بقالمة إقبالا لعشاق المياه الحموية والاستجمام والراحة، وكذا التداوي بالمياه الحموية على مدار السنة، وبالتالي، تشهد إقبالا للسيّاح في فصل الخريف، هذا الإقبال يرتفع في فصل الشتاء ويبلغ ذروته في فصل الربيع، أما في فصل الصيف ينقص الإقبال لكن هناك إقبال من نوع خاص، إذ تعد الولاية منطقة عبور نحو الولايات الشاطئية القريبة منها، والعبور إلى تونس، وهي بذلك تعد قطبا من أقطاب السياحة في الجزائر.
من أشهر الحمامات الموجودة بولاية قالمة، والتي تعتبر محجّا للسيّاح نجد، حمام “الدباغ” الذي كان يُعرف بحمام “المسخوطين” وحمام “أولاد علي”.
يقع حمام “الدباغ” أو “الشلالة” الجوهرة السياحية للولاية، ببلدية حمام الدباغ على بعد حوالي 20 كلم غرب عاصمة الولاية قالمة، يتميّز بالهدوء والمناظر الطبيعية الخلابة، وكثافة الغابات وأشجار الدفلة، ومياه الشلالات الصافية النقية.
يعد حمام “الدباع” منطقة سياحية بامتياز، يمكن للناس التجوال في أرجائها، فهذا الحمام مشهور ويحتل المرتبة الثانية عالميا من حيث درجة الحرارة بعد براكين ايسلندا، فمياهه تنبعث من باطن الأرض بدرجة 96 مئوية، وهي ساخنة جدا، وسمي بـ”الشلالة” لأن مياهه تأتي على شكل مياه ساخنة متدفقة ويفوق تدفقها 6500 لترفي دقيقة، كما يطلق عليه أيضا، اسم حمام “الدباغ” نسبة إلى جبال الدباغ الشاهقة الملتفة حوله، هي تسميات مختلفة لحمام واحد يعود استعماله إلى العهد الروماني، وقد تم تشييده بعد الاستقلال واستغرقت مدة إنجازه 8 سنوات، فتح سنة 1976، ويتكون مركب “الشلالة” من غرف وشقق وملاحق، فهو عبارة عن فندق، بالإضافة إلى حمام معدني مجهّز بكل وسائل الراحة من تدليك ومعالجة الكثير من الأمراض.
وما يميّز بلدية حمام “الدباغ”، تلك الصخرة العملاقة التي أبدع الخالق في نحتها، هي عبارة عن ترسبات كلسية تراكمت عبر ملايين السنين باللون الأبيض والبني والبخار متصاعد منها، وكذا جريان المياه الساخنة فوق الأرض، حيث تستمتع بعض العائلات بوضع حبات البيض في مجاري المياه الساخنة، لتصبح البيضات بعد دقائق، مسلوقة وحاضرة للأكل، ويوجد أيضا، حمام “ناجي” بمحمية العرائس، وما يبهر الزائر، منظر الحجارة على شكل أشخاص أو عرائس.
بقرية حمام “أولاد علي” التابعة لبلدية هيليوبوليس، على بعد 15 كلم شمال شرق مدينة قالمة، وعلى مستوى الطريق الوطني رقم 80 الرابط بين ولايتي قالمة وسكيكدة، يقع حمام “البركة” وحمام “بوشهرين”، وهما مركبان للخواص تحت اسم حمام “أولاد علي”.
يستقطب هذا الحمام عددا كبيرا من السيّاح للراحة والاستحمام ليل نهار، فحمام “البركة” مجهّز بأحدث وسائل الترفيه، يحتوي على قاعات للمؤتمرات ومسبح الذي تفضله بعض العائلات للسباحة في فصل الصيف عوض الذهاب إلى البحر. أما حمام “بوشهرين” فهو مركب يتكوّن من حمام معدني بمياه ساخنة وفندق، بالإضافة إلى مجموعة من الشقق وقاعة للتدليك والرياضة، ويعد حمام “أولاد علي” المعروف بـ(حمام البركة وبوشهرين) من أبرز المراكز العلاجية في الجزائر، يحتوي المركب على مراكز العلاج الطبيعي مثل التدليك المائي، التنفس والتنشق، التدليك بالأيدي والعلاج الميكانيكي، كما يوجد علاج فيزيائي مثل العلاج الكهربائي، وتفيد مياهه في معالجة أمراض التهاب المفاصل، أمراض الأعصاب، أمراض عصبية نفسية، الرئوية من ربو والزلة الرئوية، أمراض الأنف والأذن والحنجرة وكذا أمراض النساء والأمراض الجلدية، كما يوجد ببلدية حمام النبايل، منبع معروف بحمام “الطاهر” المستغل للاستحمام التقليدي، ولهذه الحمامات المعدنية تحاليل فيزيوكيميائية تستغل عن طريق الإرشادات الطبية لفائدة المرضى.
نشير إلى أن ولاية قالمة تتوفر على العديد من الينابيع الحموية، ويعود الإحصاء الوحيد لعدد المنابع الحارة بها إلى سنة 1983 بعد الدراسة المنجزة من طرف المؤسسة الوطنية للدراسات السياحية والتي توصلت حينها إلى جرد ما يقارب 15 منبعا معدنيا منتشرا ببلديات حمام الدباغ وهيليوبوليس وعين العربي وحمام النبايل وبوحشانة، منها منابع مستغلة بطريقة تقليدية وتابعة للبلديات، بنسبة تدفق تصل إلى 97 درجة مئوية، وتشير الدراسات المختصة إلى أن جوف الأرض تحت حمام “الشلالة” يشكّل بحرا حقيقيا من المياه المعدنية شديدة السخونة، وقد تم تصنيفه رفقة حمام “أولاد علي” ضمن المحطات المعدنية في الولاية التي تستقبل آلاف الزائرين من مختلف ربوع البلاد، وتحظى منطقة حمام الدباغ وحمام أولاد علي بحصة الأسد من الإقبال من طالبي الاستشفاء والراحة، منهم القادمون من بلديات الولاية المداومون على الاستحمام أو من ولايات أخرى وحتى من خارج الجزائر.
عرف قطاع السياحة في ولاية قالمة انتعاشا وحركة نشيطة مؤخرا، نتيجة الاستثمارات الكبيرة التي قام بها الخواص، بفضل الدعم والمرافقة في سبيل ترقية السياحة بالمنطقة، والكثير من الاستثمارات انطلقت بالجوهرة السياحية حمام “الدباغ” لإنجاز مركبات سياحية، فنادق وقرية سياحية، ويرتقب أن يشهد تخصّص السياحة الحموية بقالمة قفزة نوعية بعد إنجاز المشاريع المسجّلة لتهيئة وتوسيع 3 مناطق سياحية ذات طابع حموي بكل من حمام الدباغ، حمام أولاد علي وعين العربي، ومن شأن هذه العمليات أن تعمل على إعطاء دفعة قوية للنشاط السياحي الحموي، كما تعمل الجهات المعنية على تحفيز المستثمرين في بلديات أخرى لتنويع الاستثمارات التي تكمّل بعضها البعض من ترفيه، معالجة، إيواء وغيرها، ولهذا يرتقب أن تشهد السياحة الحموية بقالمة قفزة نوعية في إنجاز، توسع وتهيئة المركبات السياحية بالنظر للإقبال الكبير للسيّاح على مدار السنة.
وردة زرقين