تتّجه أنظار العالم في شهر مايو من كل عام، إلى أحد أكبر المهرجانات السينمائية في العالم، حيث تستضيف مدينة كان الفرنسية الممتدة على طول كوت دازور، أبرز صنّاع ونجوم السينما الذين يأتون للمنافسة، وتشهد المدينة الساحرة، عروضا سينمائية وتظاهرة ثقافية فنية وأمسيات متعدّدة على مدار أسبوعين تقريبا.
مع افتتاح فعاليات التظاهرة الكبيرة، تتّجه الأنظار الى اطلالات نجوم الفن السابع وما تحمله السجادة الحمراء لهذا المهرجان من إطلالات ساحرة لنجمات ونجوم الفن السابع الذين يلتزمون بقواعد اللباس المثيرة للجدل التي يفرضها منظّمو المهرجان، فتتحوّل السجّادة الحمراء لهذا المهرجان من مكان لاستقبال الضيوف إلى منصّة لعرض أبرز ابتكارات مصممّي الموضة العالميين الذين يحرصون على تزيين إطلالات أيقونات السينما.
وإلى جانب عالم الموضة والأزياء، تتجّه أنظار العالم خاصة إلى الأفلام التي تتنافس على جوائز مهرجان “كان”، حيث يضم برنامج المهرجان مجموعة متنوّعة من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية والتجريبية، ويسلّط المهرجان السينمائي الهام، الضوء، على الأفلام الجديدة وتقديمها للجمهور، وباعتباره فرصة للتواصل بين صنّاع السينما من مختلف أنحاء العالم، فإنه يتم عرض الأفلام المختارة للمسابقة الرسمية أمام لجنة تحكيم مكوّنة من أسماء مشهورة في عالم السينما ومنح الجوائز في فئات مختلفة، بما في ذلك “السعفة الذهبية”، والجائزة الكبرى، وجائزة لجنة التحكيم، وجائزة أفضل مخرج وغيرها، وما يميّز مهرجان “كان”، الدقة التي يختار ويبرمج بها عروضه، وكذلك اختياره للجان التحكيم التي تضم وجوها من أهم صنّاع السينما من دول مختلفة، وكذا احتضانه لأكبر سوق سينمائية في العالم، حيث يأتي المنتجون وصانعو الأفلام لتسويق أعمالهم والبحث عن شركات الإنتاج لاستكمال مشاريعهم.
يعرض المهرجان سنويا، مئات الأفلام ضمن قسمين كبيرين وهما: “الاختيارات الرسمية للمهرجان” الذي ينقسم إلى عدّة مجموعات يطلق عليها “برامج”، بعضها تنافسي، يضاف إلى تلك البرامج، عروض ومسابقات أخرى والعروض الخاصة، أما أهم برامج قسم الاختيارات الرسمية يضم، المسابقة الرسمية التي تحتوي على نحو 20 فيلما من العالم، تتنافس بالجائزة الأهم “السعفة الذهبية”، وبرنامج ” نظرة ما (UN CERTAIN REGARD)، وبرنامج خارج المسابقة.
يتم اختيار الأفلام من قبل لجنة تحكيم دولية تتشكّل من خبراء في صناعة السينما وفنانين ومخرجين وممثلين وكتاب السيناريو، لاختيار الأفلام ومنح الجوائز، أشهرها جائزة “السعفة الذهبية” لأفضل فيلم روائي طويل، وفي الأوساط السينمائية، يعد مهرجان “كان” السينمائي الأهم في العالم لعدة أسباب منها، مواظبته على تقديم العروض الأولى لأفضل الأفلام وأهم المخرجين، كما أن بعض الأفلام التي تُعرض خلاله، تبقى خالدة وأيقونة في ذاكرة السينما العالمية، ثم الكثير من الأفلام التي يعرضها، تُعرض لاحقا في دور السينما، وتحقق إيرادات مرتفعة، ولكن ليست جميع الأفلام المعروضة في المهرجان تلقى استحسانا، ينما تكون متميّزة، كما يُعد مهرجان “كان” بوابة للأفلام المشاركة والسبّاق لعرضها، حيث تُعرض فيما بعد، في مهرجانات أخرى للمشاركة في مسابقات رسمية.
وتعتبر جائزة “السعفة الذهبية” من أبرز جوائز مهرجان “كان” باعتبارها أعلى جائزة تُمنح للفيلم الفائز، وفي بداية المهرجان، في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، سيطرت الأفلام الأوروبية على جائزة “السعفة الذهبية”، أما في السبعينيات، تغيّر الوضع، وفاز الفيلم الأمريكي “TAXI DRIVER” للمخرج مارتن سكورسيزي بـ”السعفة الذهبية”، كما فاز الفيلم الجزائري “وقائع سنين الجمر” للمخرج محمد لخضر حمينة بجائزة “السعفة الذهبية”، وهو تتويج يذكره التاريخ، حيث سجّل حمينة اسمه من ذهب في أكبر مهرجان سينمائي بمدينة تطل على الجزائر من نافذة البحر الأبيض المتوسط، ومنذ تتويج الجزائر بالجائزة الكبرى في مهرجان “كان” السينمائي عن هذا الفيلم، ورغم مشاركة بعض الأفلام في المنافسة الرسمية في بعض دورات المهرجان، إلا أن التاريخ يأبى أن يعيد التتويج، وحسب بعض خبراء السينما، فإن الأسباب تعود إلى ضعف الإنتاج من جهة، ومن جهة أخرى، تطرّق الأفلام الجزائرية إلى تاريخ الثورة الجزائرية والاستعمار الفرنسي، ما يجعل رفض الأفلام الجزائرية من قبل لجنة الترشيح في مهرجان كان السينمائي أمرا سياسيا.
وردة زرقين – الجزائر –