العنقاء للثقافة

مجلتك الثقافية

سينما

بعدما شهدت عصرها الذهبي.. السينما الجزائرية تسعى إلى انطلاقة جديدة

تميّزت السينما الجزائرية بالتباين والاختلاف في نوعية وحجم ومضمون الأفلام المنتجة، وكانت حاضرة في العديد من المحافل الدولية، وحظيت منذ نشأتها بمكانة مرموقة على المستوى المحلي والعربي والعالمي، حيث نالت جوائز وحققت مراتب متقدمة في المهرجانات العالمية، كما نالت الأفلام المنتجة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، اهتماما من قبل العديد من النقاد والدارسين والمهتمّين بالحقل الفني والمشهد السينمائي.

من أهم الأفلام التي بقيت خالدة وأيقونة في ذاكرة السينما الجزائرية، وتوّجت الجزائر بالجائزة الكبرى في مهرجان “كان” السينمائي الدولي، فيلم “سنين الجمر” للمخرج محمد لخضر حمينة الذي فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان “كان” سنة 1975، وهي السعفة الذهبية الوحيدة إلى اليوم إفريقيا وعربيا،  كما حاز فيلمه “ريح الأوراس” على جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان “كان” سنة 1966، ويعتبر فيلم “سنين الجمر” من أهم وأضخم الأفلام التاريخية التي نجحت خارج هوليوود، فكانت نموذجا لسينما العالم الثالث في طور التأسيس حسب بعض النقاد، وأيضا، من أهم كلاسيكيات السينما العالمية حتى اليوم.

بعدما شهدت عصرها الذهبي في سبعينات القرن الماضي، شهدت السينما الجزائرية مرحلة من الانحدار في أواخر الثمانينات والتسعينات بفعل غياب الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية، مع رحيل الكثير من المهنيين العاملين في هذا المجال، وإغلاق المزيد من قاعات السينما، وبعد الألفية الجديدة، ومع استقرار البلاد، عرفت  السينما الجزائرية أجيالا مختلفة من المخرجين والفنانين، ومرّت بمراحل مختلفة،  تنوّعت فيها الموضوعات، حيث حاول بعض المخرجين إعادة إحياء الساحة السينمائية، فعاد المخرج محمد لخضر حمينة بفيلم “غروب الظلال” والمخرج أحمد راشدي بفيلمي “مصطفى بن بولعيد” و”كريم بلقاسم”، كما ظهر جيل آخر من السينمائيين حاول إنتاج بعض الأفلام بالتعاون مع جهات تمويل وطنية وأجنبية، وشهدت السينما الجزائرية حضورا متنوّعا في مهرجان “كان” السينمائي الدولي في دورته الـ63، حيث شاركت بثلاثة أفلام قصيرة ضمن قسم “شورت فيلم كورنر”، إضافة إلى العرض الخاص لفيلم “النخيل الجريح” للمخرج التونسي عبد اللطيف بن عمار، وهو إنتاج جزائري ـ تونسي مشترك، فضلا عن فيلم “الخارجون عن القانون” المندرج ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، وشارك أيضا، الجزائري كريم موسوي بفيلمه “في انتظار الوقت” (“طبيعة الحال”) في قسم “نظرة ما” في مهرجان “كان” في دورته الـ70 ضمن “الاختيارات الرسمية”، كما شارك المخرج الفرانكو جزائري رشيد بوشارب بفيلمه يحمل عنوان “إخواننا” في مهرجان “كان” السينمائي في دورته الـ75 في إطار “كان الأولى”، وهي نافذة من المهرجان لعرض الأفلام المميّزة خارج المسابقة، إلا أن التاريخ يأبى التتويج.

وبعد عصرها الذهبي في سبعينيات القرن الماضي، تسعى السينما الجزائرية إلى انطلاقة جديدة، لتظهر في الآونة الأخيرة، إرادة سياسية وإصرار على دعم السينما من خلال استحداث “هيئة وطنية” تشرف على العمل السينمائي، حيث أظهر الرئيس عبد المجيد تبون إرادة سياسية وإصرارا على دعم السينما من خلال استحداث “هيئة وطنية” للإشراف على العمل السينمائي، وتشجيع النهوض به، تتمثل مهمّتها في تحفيز الإنتاج المحلي للأفلام وتعزيز المواهب المحلية، لتستعيد ألقها على جغرافية الفن السابع في العالم، سيّما وأن السينما الجزائرية لها مميّزاتها التي تنفرد بها عن أي سينما أخرى في العالم، إذ حققت مكانتها العالمية من خلال حصولها على جوائز عالمية واحتلت مكانة عالمية مرموقة، فهل يبتسم الحظ للسعفة الذهبية مرّة أخرى؟.

وردة زرقين – الجزائر –