اختتم مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2024، أعماله، بالتركيز على جودة الحياة، حيث نُظمت على مدار ثلاثة أيام، جلسات مثيرة تناولت موضوع جودة الحياة، والمساهمات الفلسفية والآثار الأخلاقية للذكاء الاصطناعي وتأثيره على الحياة البشرية.
عُقد المؤتمر في مكتبة الملك فهد الوطنية في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، بحضور أكثر من 60 متحدثا من جميع أنحاء العالم، من بينهم شخصيات بارزة مثل الدكتور فاوستو فريسوبي والدكتور عبد الرحيم الدقون والدكتورة نيرمين عزالدين.
وأكد مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2024، على أهمّية دور الفلسفة في تعزيز الرفاهية الإنسانية والازدهار المجتمعي، ليصبح منصّة حيوية تعكس قيادة المملكة العربية السعودية في تطوير الخطاب الفلسفي محليا وعالميا.
أعرب الدكتور محمد بن حسن علوان، الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، عن سعادته بنجاح المؤتمر، قائلا: “أظهر هذا المؤتمر قدرات الفلسفة في معالجة التحدّيات الأكثر إلحاحا في عصرنا، ومن خلال جمع المفكرين الرائدين من جميع أنحاء العالم، قمنا بتعزيز الحوار الهادف وألهمنا أفكارا جديدة لمستقبل أفضل”.
وفي كلمته الختامية، أكد الأستاذ خالد الصامطي، المدير العام للإدارة العامة للأدب في هيئة الأدب والنشر والترجمة، أن المؤتمر أولى عناية فائقة لاستقطاب الزوار من كافة فئات المجتمع، إذ حصد على مدار أيامه الثلاث أكثر من 5,400 زائر، صانعا بذلك بيئة خصبة تجمع الإمكانات المتفرّدة التي تحتضنها المملكة بشراكاتها الإستراتيجية محليا ودوليا، وقال: “إننا في هيئة الأدب والنشر والترجمة نسعى لأن يكون المؤتمر منصةً تقود الحركة البحثية الفلسفية، وحدثا رائدا على الصعيد الأكاديمي، ليس في الشرق الأوسط فحسب، وإنّما في العالم أجمع”.
وتضمّن برنامج اليوم الثالث مجموعة من المتحدثين، بما في ذلك الأكاديميين والعلماء الذين تناولوا مواضيع متنوّعة متعلّقة بالازدهار البشري، بدءًا من دور الفلسفة في تشكيل مستقبل أفضل إلى تحدّيات تحقيق جودة الحياة في عالم متعدّد الثقافات.
ومن محاور اليوم الثالث، جلسة بعنوان “إطار فلسفي لتعزيز جودة الحياة في المدن في سياق التنوع والتعددية الثقافية”، أدارها الدكتور وليد الزامل، حيث ناقش فيها أهمّية خلق مدن شاملة ومنصفة تحترم الاحتياجات والقيم المتنوّعة لجميع السكان، كما سلّطت جلسة أخرى بعنوان “دور التضامن الاجتماعي في دعم اللاعبات من ذوي الإعاقة”، والتي قدمتها الأستاذة نجاة الشافعي، الضوء، على أهمّية الدعم الاجتماعي في تمكين النساء ذوات الإعاقة من المشاركة في الرياضة والترفيه.
كما تناول المؤتمر تقاطع الفلسفة والدين من خلال جلسات تستكشف طبيعة الروح ودورها في الحياة البشرية، وناقش الدكتور شفيق اكريكر، مفهوم اليأس وآثاره الفلسفية، بينما استعرض البروفيسور حسام عبد اللطيف، تغيّرات معنى مفهوم كرامة الإنسان وتحدّياته في مجتمع التقنية الفائقة، وقدّمت هذه الجلسات رؤى قيّمة حول الأسئلة الأبدية للوجود البشري والتحدّيات التي تفرضها التطورات التقنية السريعة.
وتضمّن المؤتمر أيضا، جلسة نقاشية قدّمها الدكتور روبرت برناسكوني، وجلسة حول “الذكاء الاصطناعي وأثره على جودة الحياة الإنسانية: آفاق جديدة وتحدّيات أخلاقية” التي قدّمتها الدكتورة إنجي حمدي، وتطرّقت هذه الجلسة إلى الآثار الأخلاقية المعقدة للذكاء الاصطناعي، واستكشفت كيفية ضمان استخدام التقنية لتعزيز الرفاهية البشرية بدلا من تقويضها.
وبالإضافة إلى الجلسات الرئيسية، قدّم المؤتمر مجموعة متنوّعة من ورش العمل والندوات حول مواضيع شملت مهارات الحوار والتفكير النقدي والجماليات وتاريخ المنطق في الحضارة الإسلامية، وقدمت هذه الورش للمشاركين، أدوات عملية ورؤى لتطبيق التفكير الفلسفي في حياتهم اليومية، كما قدم المؤتمر شراكات مع منظمات دولية مرموقة، بما في ذلك New Philosopher وThe School of Life للمرة الأولى في المملكة العربية السعودية.
وكجزء من برنامج جودة الحياة، أكد المؤتمر على أهمّية دور الفلسفة في معالجة التحديات المجتمعية المعاصرة، ويتماشى برنامج المؤتمر مع المبادئ الفلسفية مثل العدالة والفضيلة والسعادة الضرورية للمجتمعات المزدهرة، ومن خلال ربط الفكر الأكاديمي بالتطبيقات الواقعية، يعكس المؤتمر التزام المملكة بالثراء الفكري والتبادل الثقافي.
وحقق مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2024 نجاحا باهرا جرّاء جمعه مفكرين رائدين من جميع أنحاء العالم لمناقشة القضايا الأكثر إلحاحا في عصرنا، واستكشاف الأسس الفلسفية لجودة الحياة، وإلهام أفكار جديدة ومقاربات لخلق مستقبل أفضل للجميع.
وردة زرقين