صدر مؤخرا، للكاتبة والإعلامية وردة زرقين، كتاب بعنوان “قالمة: فسيفساء ثقافية وتاريخية” عن دار “كالاما” للنشر والتوزيع.
الكتاب يحتوي على 460 صفحة، ويهدف إلى التعريف بولاية قالمة، تناول البحث والدراسة، تاريخ قالمة، وأهم المحطات التاريخية التي مرّت بها، وما تزخر به من آثار ومعالم أثرية وحمامات معدنية وصناعات تقليدية وغير ذلك، كما يحتوي الكتاب على صفحات مشرقة من حياة سكان قالمة على مرّ الزمن، ثقافتهم، لهجتهم، عاداتهم وتقاليدهم، إضافة إلى ذلك، تطرّقت الكاتبة في هذا المنجز، للجانب التنموي والاجتماعي والاقتصادي للولاية، فالكتاب يؤرّخ لقالمة، والعمل موسوعي، ويحمل كثيرا من الثقافة القالمية، والفائدة الأكيدة له بمصادره ومراجعه المتنوّعة، ومنهجيته العلمية، تتعدّى الشريحة الجامعية إلى عامة القّراء والمهتمّين بالاطلاع على حضارة قالمة في مختلف مراحلها التاريخية، ويمكن أن يفيد الطلبة والباحثين والمهتمّين بالثقافة الشعبية.
صنّفت الكاتبة عملها في اثني عشر فصلا، الفصل الأول، قدّمت فيه نبذة عن ولاية قالمة، وفي الفصل الثاني، تناولت فيه، قالمة عبر التاريخ، أما الفصل الثالث، تطرّقت فيه لمميّزات الولاية، فيما ركّزت في الفصل الرابع، على المؤهلات السياحية التي تزخر بها الولاية، وفي الفصل الخامس، تناولت الثقافة الشعبية والفنون، في حين، تطرّقت في الفصل السادس، اللصناعات التقليدية والحرف، وعالجت موضوعات متنوّعة، من عادات وطقوس ومعتقدات في الفصل السابع، فيما خصّصت الفصل الثامن، للهجة المحلية القالمية، والفصل التاسع، خصّصته لقالمة المدينة (عاصمة الولاية)، ذلك ليتعرّف القارئ وكل الذين يريدون معرفة معالمها وشواهدها، ثقافتها وحضارتها، مع تقديم شرح مفصّل لشوارعها وبناياتها حتى يتيسّر للزائر والباحث، السير فيها بسهولة، والانتقال عبر شوارعها وتفرّعاتها، وشرحت الكاتبة، في الفصل العاشر، تسميّات بلديات الولاية ونشأتها، وتناول الفصل الحادي عشر، استثنائيا، صورا قديمة من الزمن الجميل، وفي الفصل الثاني عشر والأخير، ركّز الكتاب على قائمة اسمية لشهداء ولاية قالمة، عرفانا بتضحيات الجسام التي قدّموها من أجل أن يعيش هذا الوطن العزيز في حرّية واستقرار، علما أن صاحبة المؤلف أرفقت الدراسة بالصور القديمة والحديثة.
تقول وردة زرقين، أن ما دفعها لاستكشاف تاريخ وتراث قالمة، هو أهميّة الولاية التاريخية والثقافية والاجتماعية والحضارية والسياحية، فقالمة تعتبر من أكثر مناطق الشرق أهميّة في الفترة القديمة، وهو ما تؤكده المخلّفات الأثرية بشتّى أنواعها والمنتشرة عبر تراب المنطقة، كما أن قالمة تُعد إحدى أعرق المناطق الأثرية والتاريخية بالجزائر، وهي جوهرة السياحة بالشرق الجزائري خصوصا وبالجزائر عموما، تزخر بمعالم أثرية وآثار رومانية ومواقع طبيعية وحمامات معدنية، من بينها، المسرح الروماني بقلب مدينة قالمة، وبجانبه حديقة “كالاما”، أيضا، المدينة الأثرية “تبيليس” ببلدية سلاوة أعنونة، المعلم غار الجماعة ببلدية بوهمدان، والمقابر الميغاليثية ببلدية الركنية، كذلك، بير بن عصمان ببلدية حمام الدباغ، وهو ظاهرة غريبة، تحتفظ بأسرارها إلى يومنا، نسجت حولها الكثير من الحكايات والخرافات الشعبية، إضافة إلى ذلك، تملك قالمة خزائن كبيرة من التراث والأصالة والثقافة، والفرد الڨالمي ارتبط بتراث وتقاليد الأجداد، حيث يسعى سكان قالمة عامة، إلى إبراز هوّيتهم الثقافية وتلقينها للأجيال من خلال الفلكلور والأكلات الشعبية والألبسة التقليدية والصناعات التقليدية، فالمطبخ القالمي يُعد من المطابخ الجزائرية الأصيلة، يمتاز بأكلات شعبية خاصة في المواسم والأعياد الدينية، وكذلك، الحلويات التقليدية، وبخصوص التراث الشفهي، فقالمة غنية جدا بهذا الكنز من أمثال شعبية ومحاجيات وأغاني ثورية وحكايات وغير ذلك، أما فيما تعلق الأمر بالألبسة التقليدية، فإن المرأة القالمية مازالت متمسّكة بعاداتها وتقاليدها، ويظهر ذلك من خلال تمسّكها بالقندورة رمز الأصالة في الأعراس، وتعد “القشابية” واحدة من أهم وأفخم الألبسة التقليدية ورمز الأصالة والشهامة للرجل القالمي، فكل هذه المميّزات تدعو إلى تقديم قالمة بمختلف أبعادها التاريخية والاجتماعية والثقافية والسياحية وحتى السياسية، ليتعرّف عليها الإنسان، وأشارت صاحبة المؤلف إلى أن الدراسات المحليّة، تكاد تنعدم فيها، فلا توجد إلا فئة قليلة من الباحثين كتبت عن هذه الولاية غير القليل، فأقلّ ما يجب عليها نحو هذه الولاية التي ولدت فيها، وترعرعت ودرست فيها، هو أن تقدّم لها هذه الخدمة المتواضعة للتعريف بها، على حدّ تعبيرها.
للإشارة، الإصدار الجديد “قالمة: فسيفساء ثقافية وتاريخية” لوردة زرقين، كان حاضرا بمعرض الكتاب الدولي بالجزائر العاصمة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وردة زرقين